عائد بلا هوية ..

عائد بلا هوية

منذ ان وطأت قدماهما هذه الأرض وهما يتسكعان على أرصفة طفولة مشردة راسمان أحلاما" صغيرة من قلبين اجتمعا تحت شجرة الحب
كانا يمشيان ساعات وتتشابك خطواتهما في شوارع المدينة دون أن يدريا وجهتهما لكن حتما" كانا يتوجهان نحو هدف واحد ترك لها في كل زاوية ضمن حدود مرآها صورة عشقية أجمل من الأخرىى وتركت له في كل أرجاء مداه الفكري والروحي قصيدة فرح وسعادة تختلف عن الأخرى بجمالها الالهي ومضت الأيام وهما يبنيان معا" صرح أحلامهما الأبدي ويجمعان معا" أقساط البيت الذي قررا أن يعيشا في كنفه بسعادة تليق بحبهما المتواضع وهكذا
الى أن وضعت لهما الحياة أول عصا في عجلتها لتختبر قوة حبهما أمام هذا العصا اللعين توقفت عجلة الحب لتبدأ بعدها قصة الانهزام والانصياع لخدع الحياة المراوغة
ارتعشت تلك الشجرة المتينة واهتز ذلك الصرح من الأحلام الصغيرة الى ان أصبح فتاتا" يقتات منه معطوبي الحب
كي يخرجا من هذه اللعبة القذرة بأقل الخسائر الانسانية قررا أن ينسحبا بكرامة مصطنعة وهما يرتديان قناع القوة والكبرياء انه اذا" الفراق انه الوداع اذا
على أنقاض حبهما راح يبيع أحلامه رويدا" رويدا" ليشتري بها تذكرة سفر الى أوربا كانت تدرك ان هذا اليوم سيعكر صفوة حبها ويشنق أحلامها على منصة الواقع الأليم وترمي بها عرض الحائط لكنها رغم ذلك لم تيأس وعادت لترمم قلبها من جديد وتلملم حبات روحها المفتتة أمام رحيله المفاجئ والتقيا أخيرا" ليودعا بعضهما وراح الحب الكبير بدوره يودع ذلك الوطن الجميل والمليء بعنفوان روحهما ولكن ظلت روح كل منهما ساكنة في جسد الآخر وأبئت ان تفارقه.
سألها ان كانت تريد ان تقول له شيئا"للمرة الأخيرة كان يريدها ان تقول له انني أنتظرك لكنها أجابت:انتبه لقلبك في الغربةأرادت ان يطلب منها البقاء في انتظاره لكنها سكتت وراحت الدموع ترسم آخر رجائهما في المطار انهزمت مملكة الحب وانتصر الفراف
هناك كان يلهث ليحصل على الجنسية الاوربية ليجرد نفسه من كل ما يخص لغته وتاريخه العشقي العريق
عمل لسنوات طويلة واختلطت دماؤه بأحلام أجنبية حتى أنجب طفلا" هجينا" بأحلام غريبة عن أحلامه كتب في الغربة قصة لم يكن يوما" بطلها ولم يكن كاتبها او راويها.....كل ذلك ....ربما لينسى ......

بعد أن شاب في الغربة وشاخت أحلامه ولم تعد لديه طاقة على احتمال تلك الوجوه التي لم يألفها يوما" فكر بالعودة الى دياره فلملم شتات غربته وبقايا أحلامه العقيمة .....اصطحب معه طفله الاجنبي الى الوطن ...انه الوطن اذا"....
بعد مسيرة طويلة .... وطأت قدماه مرة أخرى تراب أرضه ارتعش قلبه وكأن قصة قديمة كانت بانتظاره على حدود الوطن وكأنه شعر بوجودها تنتظره في قاعة الاستقبال
وفي نفس المطار الذي تغلب على حبهما التقيا بعد عشرين شتاء وخريف تتالى عشرين مرة بنفس الحزن والألم اذا" مرة أخرى التقيا ولكن انها هي ....لا... ليست هي ... بدأ يخاطب نفسه بخوف وارتعاش كأنه يهلوس باسمها دون أن يشعر كانت ... هي ... اذا"؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!!!!!لكن لماذا ترتدي الأسود الذي لم يحتل مكانا" في قائمة اهتماماتها يوما" وما كان يوحي لها باي شيء ذا معنى
في قاعة الاستقبال دخلت جنازة تبين من المراسيم الفخمة لها أنها لشخص ذو شأن في الدولة كانت تبكي بصمت وهي تتجه نحوها وارتمت عليها واحتضنت تلك الجثة الهامدة وكانت تودع آخر ما تبقى لها من أنقاض عمرها انه هو اذا" زوجها الذي اغتيل في أوربا منذ يومين فجاءت تستقبل جثته مع حبها العائد الى الوطن

يعجز القلم عن التعبير امام روعة كلماتك تقبلي مروري حبيبتي

يكفيني وقوفك على كلماتي لتزيد من ضيائها وتأثيرها عزيزتي اشكرك من كل قلبي على المرور

al 7ob shi 3azim wa yab9a fi al 9elob hata law iftara9o

shokran

tahiyati

» عائد بلا هوية ..
» [b] اللغة شيفرة هوية الفرد[/b]