لاتكن وحيدا" في القمة
أراد أن يصبح يوما" انسانا" عظيما" ينحني له جسد التاريخ وتتكسر أعضاء الحضارات فوق زنده
فكر أولا" بانهاء ذاك الحب الكبير الذي ملئ قلبه بحنان ودفء الكون كله
ذاك الحب الذي صنعه انسانا" يشعر بذاته
كانت ذريعته بذلك ان الحب قيد يمنعه من التفكير بأي انجاز آخر سوى الاشتياق والانصهار في بوتقة الهية موحدة أراد أن يكون لوحده في طريق النجاح فمضى مسرعا" الى أصدقاء طفولته ووحدته أخبرهم بسرعة البرق أنه سيتركهم ويرحل بحثا" عن ذاته التائهة أصعقهم بقراره ومضى دون أن يلتفت الى ذاك الخراب الذي آلت اليه مدينته التي رسم في شوارعها أجمل اللوحات من الذكريات التي لا تباع بأي ثمن كان
لسرعته نسي أن يزور قبر والده ليستأذنه بالرحيل عند خروجه من الباب نسي أن يعانق والدته ويقبل الجنة التي تقبع تحت قدميها كان يستعجل الوصول الى تلك القمة فنسي أن يقول لحبيبته : لا تعشقي سواي اني عائد اليك ولم يقل لأصدقائه الى لقاء آخر
ومضى على درب أحلامه وحيدا" 00كان بينه وبين نفسه يشتاق اليها واليهم
للحظة فكر بالعودة الى أحضانهم جميعا"
لكن ذاك الكبرياء اللعين وضع أصابعه في عينيه ومنعه من رؤية نفسه أو يلتفت الى الوراء ليراهم ينادونه بألم صامت
كان صوته مكتوم بنشوة النجاح الذي قرر الوصول اليه وحده دون أن يشاركه احد في تلك السعادة المتواضعة
أخيرا" بعد مسيرة متعبة وعناء ثقيل وصل الى حلمه تسربت نشوة النجاح من مسامات جسده وهو واقف على قمة انجازاته ويرمقهم بنظراته الخاطفة
لكن على تلك القمة الشاهقة لم يشاهده سوى الغرباء