تعزيز مهارات الفتاة يتطلّب كسر الفكرة النمطية عن ألعابها

في حال دخلت فتاة صغيرة متجراً لبيع ألعاب الأطفال، فإنها، على الأرجح، ستختار دمية ترتدي فستاناً باللون الوردي، في حين يمكن أن يختار الصبي الصغير سيارة أو مجموعة من الجنود المحاربين.
ولكن، هل يعتبر هذا الاختلاف في خيار الأطفال مبنيّاً فقط على اختلاف في الذهن وطريقة عمل الدماغ، أم هو تأثير المجتمع المحيط به، ولاسيّما الأهل؟.
وهل يكون من الأفضل الابتعاد عن تركيز هذه الصورة النمطية، كفرض اللون الزهري على الفتيات، وألعاب التركيب فقط على الصبيان، كون التنوّع يمكن أن يؤدي دوراً كبيراً في أسلوب تعلّم الأطفال ونموّهم وتواصلهم مع المجتمع؟.

ليس من الضروري أن تكون الاختلافات بين ما تفضّله الفتاة، وما يختاره الصبي، متركّزة فقط على دماغهم الذي ولدوا فيه هكذا.
إذ أكّد الخبراء مؤخراً أنّ الاختلاف الكامن في عقل الفتاة وعقل الصبي لم يوجد فقط في كونهم «ولدوا» هكذا؛ أي أنّ الاختلافَ لا يتركز فقط على بيولوجية الدماغ، واختلافه بين الذكر والأنثى.
إلا أنّ طريقة تعامل الطفل مع المجتمع المحيط به، يمكن أن تؤدي دوراً كبيراً في «تشكيل» دماغه وطريقة تفكيره وميوله، وفقاً لما كشفته الدكتورة لايسي إليوت، الاختصاصية في علم الأعصاب من جامعة Chicago Medical School في الولايات المتحدة.
وتقول الدكتورة إليوت: يمكننا أن نخرج مهارات متعدّدة من الفتيات في حال شجعناهنّ على ممارسة الألعاب المخصّصة للصبيان، ولم نركّز على فكرة القوالب المنمّطة كحصر الفتاة ضمن عالمها.
ولا تقصد الخبيرة هنا أن تمتنع الفتاة تماماً عن ألعابها، إلا أنّه من الممكن أن تدخل القليل من التنوع المأخوذ من «عالم الصبيان».
إذ يمكن مع التنوّع أن تبرع الفتاة في علم الرياضيات، الذي اقتصر غالباً فقط على الذكور؛ فالدماغ ـ وفقاً للدكتورة إليوت ـ لم «يولد» ليبرع في مجال معين فقط، بل يمكن لنا أن نوجه أدمغتنا إلى المجال الذي نود أن نبرع فيه، وذلك عن طريق الخبرات والعمل المتواصل.
ولذلك في حال اقتنعنا بأن الصبيان أقل قدرة على التواصل الاجتماعي من الفتيات، فإنهم «سيعيشون» هذه الفكرة ويعززونها.
وعلى الرغم من أنّ دماغ الفتاة لا يشبه دماغ الصبي إلا أننا أحياناً نركز على الاختلافات ونضخمها، متناسين أن الفتاة قادرة على القيام ببعض الأمور التي يقوم بها الصبي، وليس مقتصرة عليه فقط.
ومن الطبيعي أن تلعب الهرمونات والجينات دورها في تأكيد هذا الاختلاف، إلا أن العامل الاجتماعي يؤدي دوراً مهماً أيضاً في فكرة التنميط ووضع الفتاة في قالب معيّن، كضرورة ارتدائها للألوان الوردية، وابتعادها عن اللهو بالكرة على سبيل المثال.
وتقول الدكتورة إليوت إنه يجب أن نسعد بالاختلافات الموجودة بين الفتاة والصبي، إلا أنه من الضروري ألا نقيد الفتاة في مكانها، بل يفضل تشجيعها على اكتشاف أمور جديدة في عالم الصبية يمكن أن تساعدها، وبشكل كبير في حياتها.
ولكن كيف يمكن تشجيع الفتاة على الابتعاد عن الصورة النمطية التي رسمت سلفاً لشكلها؟.

أدخل الكرة إلى ألعابها
يمكن أن تعتبر الفتاة متراجعة نوعاً ما في مهاراتها الفضائية وإدراكها المكاني خاصة قبل بلوغها السنوات الخمس، بالمقارنة مع الصبي في السن ذاته.
وتقول الدكتورة إليوت إنّ السبب يكمن في أنّ الطفل الذكر تقدم له إجمالاً الفرص العديدة للتحرك وتجربة «القذف» بعدة ألعاب، كالكرة أو لعبة رمي الرمح، أو أنه يتفرج على ألعاب الكمبيوتر «الصبيانية»، التي تركز على تحرّك الأشياء ضمن فكرة ثلاثية الأبعاد.
وتعدّ هذه الألعاب من الألعاب المسلّية التي ترافق الصبي خلال فترة الطفولة، في حين أنّ الفتاة لا تميل إلى تجريب هذه الألعاب، كونها تدخل ضمن نمط الألعاب الصبيانية والغريبة عن عالمها.
وهنا يأتي دور المجتمع المحيط بالفتاة، كالأهل والمدرسة للتركيز على فكرة هذا التنميط، وأن هذه الألعاب هي للأطفال الذكور فقط.
ولكن، وفقاً لما تقوله الدكتورة إليوت، فإنه من المفيد أن تجرب الفتاة هذه الألعاب والقادرة على تنمية مهاراتها المكانية خاصة مع تعلمها قذف الكرة إلى الهدف، وتساعد على تطوير حركتها وأسلوب تفكيرها.

تجربة الأنواع المختلفة من الألعاب
يمكن أن تحبّ الكثير من الفتيات فكرة البناء، كبناء منزل من المكعبات البلاستيكية، أو بناء سيارات إلا أنّ الأسواق لا تعمل على تعزيز هذه الفكرة بالنسبة إليهن.
إذ يمكن أن تلحظ أنّ المتاجر تسوق ألعاب البناء التي تروق للصبية أكثر من تلك التي يمكن أن تشجّع الفتيات على تجربتها.
ويمكن أن تكون معظم ألعاب التركيب الموجودة في الأسواق مبنيّة على أفكار صبيانية، وكذلك حرب النجوم والألوان غالباً ما تكون صبيانية أيضاً، كاللون الأصفر والرمادي والأسود والبيج أو اللون الأخضر.
إذ غالباً ما يتمّ تصميم هذه الألعاب مع التفكير في أن الصبية فقط هم هدفهم الأساسي.
ولكن هناك بعض الأنواع من هذه الألعاب، إلا أنّه لا يتمّ عرضها في الأسواق بشكل لافت للفتيات.
وتقول الدكتورة إليوت: مهما كانت الفكرة الأساسية من ألعاب التركيب، سواء كانت منزلاً أم سيارة، فإن عملية البناء هذه تساعد على تنمية مهارات الفتاة البصرية والمكانية، التي ارتبطت بقدرة الإنسان على التقدّم في علم الرياضيات.

اللعب بألعاب الكمبيوتر
يمكن ألا تكون ألعاب الفيديو والكمبيوتر سيئة بالمطلق، فهي لديها بعض الإيجابيات.
إذ تساعد ألعاب الفيديو في تنمية مهارات الطفل الإدراكية، وتعزيز قدراته الذهنية.
ولذلك فإنّه من الضروري ألا نحرم الفتاة تنمية هذه المهارات هي أيضاً.
وينبغي أن يسعى الأهل إلى عدم الانسياق التام وراء فكرة التنميط، ووضع الفتاة في قوالب معينة، وحرمانها تجاوزها، وذلك من خلال تشجيعها على إضافة القليل من خصوصيات حياة الطفل الذكر إلى حياتها.