أمبراطورية الذكور و مُستعمَرة الأنثيات
يوم أنثوي من أيام السنة الذكورية، له طابعه لمن يعيه ونهكته لمن يستوعبه ويعيشه. إذ أنه بمدى معرفة الفرد لحقيقة هذا اليوم، يتعرّف على ذاته ومدى تحرره الذهني والسيكولوجي من براثن النظام الذكوري القمعي، وحتى يعرف مدى أنسانيته، إنه يوم 8 آذار يوم المرأة العالمي.
الجنس البشري الأنسان يتكون من ذكر وأنثى، امرأة ورجل على حدٍ سواء، مثل كفتي ميزان العدالة، فأي خلل في هاتين الكفتين يؤدي إلى خلل في المساواة، وبالتالي إلى أعلى وأدنى، أي إلى حاكم ومحكوم. وحسب هذا فإن أي خلل بين كفتي ميزان الأنسانية (كفة نساء وكفة رجال) سيؤدي إلى أزمة أنسانية، ويكون هناك متسلط ومحكوم وسيد وعبد. وهذا ماحدث منذ فجر التاريخ وحتى يومنا الراهن، حيث أخلَّ الذكر بهذا التوازن على الأنثى، وأصبح الرجل السلطة والمرأة المحكومة، ومن هنا بدء الإستغلال والإستعمار وبدء القمع والإستبداد، فالرجل بدء بإستغلال المرأة وفرض سيطرته عليها و ببناء سلطته الذكورية وترسيخها على المملكة الأنثوية بعد تحطيم إرادتها، ومع تشييد الذكر أمبراطوريته تمأسس الإستعمار داخلياً وخارجياً و بدءت الحياة تدور في فلك العقلية الذكورية. لذلك فالذهنية الذكورية هي أساس الفكر الأستعماري وهي المسؤولة عن كل الحروب والكوارث التي ألمّت بها الأنسانية، لهذا فإن التحرر الأنساني ومستقبل الجنس البشري ورفاهه مرتبطٌ ومرهونٌ بمدى تخلص الفرد من تأثير هذه الذهنية الذكورية. كيف أننا نطالب اليوم الأنظمة الشمولية والسلطات والحكومات القمعية بتغيير الدستور والإصلاح و الدمقرطة، كذلك يجب علينا أن نغير الدستور الذكوري الهيراركي والسلطة الأبوية البطريركية حتى نكون قادرين على بناء مجتمع ديمقراطي عادل ومتوازن. أي بدل من أن يكون هناك يوم أنثوي في سنة ذكورية، لتكن كل أيام السنة حبٌ وأنسانية!!!.
للتكلّم عن المرأة لابدّ من أن نبدء من الرجل!
إن الرجل يعاني من إرثٍ تاريخي ذكوري وهي أن المرأة دون الرجل وأقل منه ذكاءً وفاعليةً وهي بنصف عقل، ويبني أمبراطوريته المخادعة للحقيقة على هذه الفلسفة ويسيطر على مفاصل الحياة، فيقوم بتهميش دور المرأة وبالتالي فرملة التطور الإجتماعي الأنساني. وإن رضوخ وإقتناع المرأة بهذه الفلسفة خلق منها شخصية ذات سيكولوجية مستسلمة والتي لايمكن بها خوض أي نضال، وتتحول المرأة إلى أول مستعمرة سلبها الذكر كل مادة من مواد حياتها من تفكير وإحساس وإرادة. هنا كيف يهدف الديكتاتور إلى شلّ المجتمع بحيث يصبحون عاجزين تماماً عن أي ردة فعل، ويصبح السعي إلى الإطاحة به ضربٌ من المحال، كذلك ما قام به الرجل تجاه المرأة. لهذا كيف أننا عندما نقوم بتحليل نظامٍ قمعي ديكتاتوري أقتصادياً واجتماعياً وسياسياً وفكرياً وثقافياً وما يخلفه من تخريبات على الحياة العامة، وبالتالي تحديد أساليب النضال ضد هذا التسلط، كذلك أيضاً يجب علينا تحليل العقلية الذكورية وتأثيراتها السلبية على المرأة والمستقبل الأنساني.
حتى في عصرنا الراهن الأنثى مستَعمَرة أكثر حتى في الدول الغربية التي تدعي الديمقراطية، فلها الحرية في العمل والحقوق القانونية والإجتماعية ولكن في فلك الذكر. حيث يتمّ فيه تقليد الذكر والإتصاف بصفة الذكورة، أو تستخدم كيد عاملة رخيصة، أو تُستخدم كسلعة دعائية بإستخدام بدنها وهذا ما يؤكده مقولة أميرة هولييود مارلين مونرو"إن نظام هولييود يدفع مقابل بدنك الملايين ولكنه لايدفع مقابل روحك خمس سنتات". ليس هذا فقط بل يقوم الذكر بإشراك الأنثى في الجرائم التي يرتكبها بحق الأنسانية. إذاً بقدر مايتخلص الذكر من جانبه الذكوري التسلطي سيساهم في واجباته تجاه نضال الأنثى التحرري، فقضية المرأة هي قضية الرجل قبل كل شيئ.
تنظيم البيت الأنساني!
ماهو الأنسان؟ هل يمكننا أن ندعو الرجل أنسان وهو لولا وجود المرأة لما كان رجلاً؟ هل يمكننا أن ندعو المرأة انسان وهي لولا الرجل لما كانت امرأة؟. إذاً المرأة نصف الأنسان والرجل النصف الآخر، أما الأنسان الكامل لايكون إلا إذا اتحدوا الأثنان معاً. حتى من الناحية الهرمونية فإن كل جنس يحمل في ذاته الخصائص الهرمونية للجنس الآخر، وإن الحياة لايمكن أن تسير من دون وجود الآخر، والديمقراطية لايمكن أن تتحقق من دون فهم ومعرفة الآخر وتقبّله.
خُلقت حواء أنثى فأصبح آدم ذكراً، وبإتحاد الطرفين ولدت الحياة وصار هناك وعي وفكر وهدف وإرادة والتطور. لذلك مايقيد حرية المرأة فهو يقيد حرية الرجل. الحرية حق فطري للأنثى وللذكر على حدٍ سواء. الحرية في ظل الحياة حيثما وجدت الأولى وجدت الثانية:
لاحياة بدون حرية ولاحرية أنسانية بدون الأنثى!!!
كل لحظة والأنثى حرية!
كل يوم والمرأة حياة!
كل عام والأنسانية بخير!
لقمان محمد - السويد