تنشر وسائل الإعلام بين الحين والآخر خبراً
حول القبض على شبكة دعارة سريّة في سوريا ، وتتنوع المناطق التي تمارس فيها
هذه الشبكات نشاطها ، فمرة في حلب ، ومرة في دمشق ، ومرة في حمص واللاذقية
وغيرها .
و لوحظ في الفترة الأخيرة تواتر انتشار أخبار شبكات الدعارة بشكل كبير ،
لدرجة أصبح فيها هذا النوع من الأخبار اعتيادياً بالنسبة لكثير من القراء
والمتابعين ، والمعلقين .
وفي محاولة من عكس السير لرصد هذه الظاهرة ( الدعارة ) التقينا بعدة "
داعرات " روين تفاصيل حياتهن ، ابتداء من العذرية وانتهاء بامتهان " بيع
الجسد " ..
أمي باعتني .. وجدتي كانت داعرة
" رولا " اسم مستعار لفتاة تبلغ من العمر 23 عاماً امتهنت " الدعارة " منذ
حوالي سبع سنوات ، تحدثت لـ عكس السير عن بدايتها وعن تفاصيل سبع سنوات
حولتها إلى " داعرة احترافية " تعرف خبايا هذه " المهنة " ، فقالت : " نشأت
في عائلة مفككة ، أب ضعيف الشخصية وأم مسيطرة ، عشت طفولتي في حي شعبي بكل
تقاليده وبساطته ، بيت صغير يتوسط زقاق ضيق ، أخرج من البيت إلى المدرسة
ومن المدرسة إلى البيت ".
وتابعت " طلبت مني والدتي أن أخرج مع صديقتي في رحلة ، وفوجئت يومها أن
الرحلة لم تكن سوى مشوار مع شاب ، أخذني إلى مطعم راق ، تناولت الطعام لأول
مرة في مطعم ، ذهبنا بعدها إلى السوق ، فاشترى لي ثياباً لم أكن أحلم حتى
برؤيتها ، وفي نهاية المطاف توجه بي إلى مزرعة في منطقة نائية بالقرب من
حلب ".
وأضافت " دخلت مع صديقتي إلى المزرعة ، فدخلت هي مع الشاب ، وبعد عدة دقائق
طلبوا مني ان أدخل خلفهم ، كنت حينها في الرابعة عشر من عمري ، كانا بلا
ثياب ، لم أكن أعرف كيف سأتصرف ، وقفت صديقتي وخلعت عني ثيابي ، واقترب مني
الشاب ، وبعد عدة دقائق شعرت بشعور غريب ، دفعني إلى أن أرمي نفسي بين
أحضانه ، فخرجت صديقتي وبقينا وحيدين ".
واستطردت " كانت تلك المرة الوحيدة التي شعرت فيها بلذة الجنس ، أفقدني
عذريتي ، وأعطاني مبلغ 3000 ليرة وأخبرني أن هذا المبلغ لي وحدي ، أخفيت
الأمر عن والدتي لمدة سنتين ، شعرت بخوف شديد في بعض الأحيان ، وحلمت بأنني
مذبوحة ، وفي النهاية قررت أن أصارح والدتي و ( اللي بدو يصير يصير )
ولكنني فوجئت بردة فعل عادية من والدتي ، لم تنهرني ، ولم تسألني حتى من هو
الشاب ولا متى ولا كيف ، عرفت حينها ان والدتي كانت تعلم وتذكرت مبلغ الـ
3000 الذي أعطاني إياه الشاب لي وحدي ، عرفت أن امي باعتني انذاك ".
وأكملت " وعرفت بعدها أن عائلتي تمتهن الدعارة ولكن بشكل سري ، بنات عمي
داعرات ، وجدتي داعرة ، وحتى أمي كانت تعمل في الدعارة ، فقررت حينها أن
أخرج من المنزل ، وأن أعمل بمفردي " .
جنس جماعي ... إدمان وشذوذ
وعن تفاصيل حياتها اليومية تقول " رولا " لـ عكس السير : " أعيش بعكس كل
النساء ، أسهر في الليل وأنام في النهار ، أمارس الجنس لأعيش ، لم أشعر
بحياتي بأي نشوة جنسية ، أضاجع هذا واضحك لذاك مقابل المال ".
وتابعت " يبدأ عملي عادة بسهرة في أحد المقاصف ، حيث أخرج بصحبة أحد التجار
، وبعد السهرة أعود معه إلى منزله ، أمارس معه الجنس ، وأقبض المال وأعود
إلى منزلي ، وفي بعض الأحيان أعمل في النهار والليل ، حتى أنني في إحدى
المرات مارست الجنس مع أربعة أشخاص دفعة واحدة ، ولكن كل شيء بثمنه ".
وعن أنواع شبكات الدعارة قالت " يتنوع عالم الدعارة في تقسيماته ، فيوجد
بيوت دعارة خمس نجوم وأربعة نجوم كما توجد شبكات بلا أية نجمة ، ويوجد أيضا
داعرات تعملن بمفردهن ، ولكل منهن طريقة في العمل ، ويختلف تصنيف الشبكات
بحسب رقي المكان الذي يوجد فيه منزل الدعارة ، ففي المناطق الراقية يكون
المنزل خمسة نجوم ، وتوجد فيه عادة بنات صغيرات في العمر وشقراوات وبأجساد
ممشوقة ، أما بيوت الدعارة العادية تكون عادة في حي شعبي ، وتكون البنات
فيه بجمال عادي ، ولكل منهن تسعيرتها ".
وتابعت " بيوت الدعارة ليست سرية ، فهي معروفة على الأقل بالنسبة لمرتاديها
، كذلك الأمر بالنسبة لي ، أنا أعمل بمفردي ولكنني معروفة وفي معظم
الأحيان أطلب عن طريق الموبايل ، كما توجد فتيات يتجولن في الشوارع بحثاً
عن الشاب الذي سيشتري أجسامهن ، وهذا النوع من الدعارة يعتبر الأرخص ،
وتعمل فيه عادة الفتيات الغريبات عن المدينة ".
وقالت " الداعرة بشكل عام ممثلة ، تمارس الجنس ، تمثل أنها تستمتع ، تقبض
ثمن جسدها وتمشي ، و في معظم الأحيان تكون الداعرة مدمنة على المخدرات أو
على الخمر أو حتى على الجنس ، فإحدى زميلاتي في المهنة تصاب بالمرض إن لم
تمارس الجنس يومياً ".
وأضافت " ولا تقتصر الدعارة على ممارسة الجنس بشكل طبيعي مع الرجل ، في بعض
الأحيان نمارس الجنس مع نساء ( سحاق ) حيث تتصل بي إحدى السحاقيات وتطلبني
ويكون المبلغ في هذه الحالة مبحبح ، كما أننا نمارس الجنس في بعض الأحيان
بشكل جماعي ، أربعة شبان وبنات في غرفة واحدة ، ويتنقل بيننا الشبان ، كما
تضطر الداعرة إلى ممارسة الجنس مع أكثر من شاب في نفس الوقت أحياناً ".
وعن الفرق بين الداعرة والمرأة العادية ترى " رولا " أن الداعرة عبارة عن
آلة لممارسة الجنس ، كأي آلة أخرى تدفع لها مقابل أن تمنحك شيء آخر ، وقالت
" الفرق بيننا أن المرأة العادية أنثى أما أنا فلست كذلك ".
وعن مفهوم الرجل في نظرها قالت " الرجال الذين يرتادوننا بالعادة وحوش
وذئاب ، وجميع الداعرات تحتقرهم ولكنها أولا وأخيراً مهنتنا ، كم أحلم أن
أتزوج وأستقر ، أن أعشق ، أن أنجب أطفالاً ولكن هذا الأمر بالنسبة للداعرات
يبقى من المستحيلات ، عشقت شاباً ، في إحدى المرات ، ولكنني أيقنت أنه من
المستحيل أن أتزوجه ، فأنا بالنسبة للرجال أبقى مجرد آلة ، لذلك يجب علي أن
استثمر شبابي وأن أجمع ثروة تكفيني عندما أكبر ".
وعن المخاطر التي تتعرض لها ( الحبس ، مرض الإيدز ، الإدمان ... ) ترى "
رولا " أنه شيء طبيعي " جميع المهن تحتوي على المخاطر ، وفي النهاية
فالدعارة مهنتي ، ولكن مع ذلك أحلم باليوم الذي أصبح فيه أماً ، وأبتعد فيه
عن هذا الوسط القذر ".
رواية أخرى ... أبي كان يمارس الجنس معي
وفي رواية أخرى لداعرة أخرى " ساندي " وهو أسم مستعار لفتاة تبلغ من العمر
18 عاماً امتهنت الدعارة قبل نحو عامين قالت " ولدت في أسرة لا يوجد فيها
أية ضوابط ، أفقدني أبي عذريتي عندما كنت في الثانية عشر من عمري ، حالي
كحال أختي ، قدمني في كثير من الأحيان لأصدقائه ، ومع ذلك كان يضربني ،
وعندما بلغت الثامنة عشر قررت ان أهرب من المنزل ، وبالفعل تركت والدي
والتحقت بأحد بيوت الدعارة ، شعرت في البداية بالحرية ، ولكن أعاني الآن
من ظلم القوادة التي أعمل عندها ".
و عن عمل القوادة قالت " ساندي " : " القوادة هي داعرة كبر سنها ، ولم يعد
لديها أية مفاتن تستطيع بيعها ، حيث تلجأ في هذه الحالة إلى تكوين شبكة
للدعارة تقودها هي ، وتستخدم في إدارتها شبكة واسعة من العلاقات تمكنت
تكوينها خلال السنوات السابقة التي امتهنت فيها الدعارة ".
وعن كيفية تشكيل شبكة الدعارة قالت " تختلف الطريقة بين فتاة وأخرى ، فأنا
مثلاً جئت بإرادتي ، ومعنا في الشبكة فتيات سافرن من القرى إلى حلب للعمل
فتمكنت القوادة من ضمهن إلى الشبكة ".
وتابعت " ومعنا أيضاً فتاة تمكنت القوادة من ضمها إلى الشبكة عن طريق ابنها
، حيث استطاع ابنها أن يقنع الفتاة في البداية أنه يحبها ، وعرفها على
والدته ، وتقدم لخطبتها إلا أن أهلها رفضوه ، فهربت معه في أحد الأيام ،
وانتقلت للعيش في منزل والدته ، فحولتها القوادة في البداية إلى خادمة ،
عذبتها ، وضربتها ، وفي النهاية تمكنت من ضمها إلى الشبكة ".
وعن حياة الداعرات ضمن شبكات الدعارة قالت " ساندي " : " لكل منزل نظام
مختلف عن الآخر ولكن تتقاطع جميعها بعدة نقاط أهمها عدم رفض الزبون مهما
كان الوضع الصحي ، حتى أنني اضطر في أيام الحيض إلى حيلة تمكنني من مضاجعة
الزبون دون أن يشعر أنني حائض ".
وأضافت " كما أنه يمنع علينا أن نمارس الجنس مع الزبون لمدة تتجاوز الـربع
ساعة ، ويمنع علينا أن نقيم علاقات شخصية مع الزبائن ، عملنا ينحصر في
المنزل ، واسمع عن بيت للدعارة لم تخرج منه الداعرات منذ حوالي 3 سنوات
".
وعن أصعب موقف مرت به " ساندي " قالت : " في إحدى المرات حملت من أحد
الزبائن ، فقمت بقتل الجنين والتخلص منه دون ان تعرف القوادة ، لأنني كنت
سأقع في مصيبة إن عرفت ، كان يوماً عصيباً ".
وعن الإقبال على بيوت الدعارة في سوريا قالت " كان الإقبال قبل نحو عامين
أكبر ، وكنا نقبض من الزبون مبالغ أكبر من المبالغ التي نقبضها اليوم ،
فسوق الدعارة يعاني من كساد خلال هذه الفترة ، بسبب الكساد في الحركة
التجارية كون معظم زبائننا من التجار ، كما أن الداعرات العراقيات سرقن
العديد من زبائننا ".
مرشد نفسي : الدعارة ناشئة عن اختلال في النظام الاجتماعي .. وفضح الداعرات
يساعد في علاج هذه الظاهرة
وللوقوف على الجوانب النفسية التي تدفع الفتاة إلى المتاجرة في جسدها
وامتهانها الدعارة التقينا الخبير والمرشد النفسي " أحمد عيسى " الذي قال
لـ عكس السير: " الحياة بشكل عام قائمة على نظام متماسك ، سواء في الاسرة
أو حتى على مستوى المجتمع بشكل كامل ، والدعارة هي نتيجة لخروج الفتاة أو
الشاب عن هذه المنظومة ".
وتابع " معظم الداعرات نشأن في أسرة مفككة وهشة ، يغيب فيها سيطرة الرجل
وقيادته ، الأمر الذي يشكل لدى الفتاة ردة فعل تجاه الرجل وتحاول الانتقام
منه ، فتسعى إلى إذلاله ، والداعرة ترى في المال الذي تكسبه من الرجل
إذلالاً له ، لذلك فهي ترى الرجل عبارة عن وحش وذئب ، فتقوم ببيعه جسمها
مقابل امتلاك القوة التي تراها في المال ".
وأضاف " وإلى جانب عامل التفكك الأسري يأتي الفقر ، وتأتي الظروف الخاصة
المقترنة في كل حالة على إحدى ، ولكن يبقى السبب الرئيسي هو ابتعاد الفتاة و
الشاب عن الضوابط التي تشكلها العلاقات الطبيعية والتي تشكل بمجملها
منظومة تضبط تصرفات الفتاة والشاب ".
واستطرد " ويرتاد بيوت الدعارة عادة واحد من ثلاثة أصناف من الرجال ، إما
المراهقين الذين يبحثون عن تجربة جديدة ، أو الشبان الذين يعانون من ضعف في
الثقة الجنسية ، فيحاولون إثبات ذاتهم بأن يؤكدوا لأنفسهم أنهم قادرون على
ممارسة الجنس ، أو الزعران الصنف الأكثر ارتياداً لهذه البيوت ، والأزعر
حاله كحال الداعرة ، فهو شاب خرج عن نظام وضوابط المجتمع ، وغالباً ينشأ في
أسرة مفككة ".
وعن الطريقة التي يمكن من خلالها مكافحة ظاهرة " الدعارة " قال " عيسى "
لـ عكس السير : " يحتاج الأمر إلى مشاركة بين مختلف القطاعات ، حيث تبدأ
المكافحة بتشديد الرقابة على هذه البيوت وتشديد العقوبة ، ومن المعروف أن
الشرطي مثلاً يذهب لكي يضبط شبكة للدعارة فينهي مهمته بمضاجعة إحدى
الداعرات ".
وأضاف " كما انه من المعلوم أن بعض الداعرات تكون على علاقة طيبة مع شخصيات
متنفذة , الأمر الذي يجعل مكافحة هذه الظاهرة صعب جداً ، لذلك لابد من
تشديد الرقابة على بيوت الدعارة وعلى المسؤولين عن مكافحة هذه البيوت ".
وأكمل " لذلك وفي ظل الظروف الاجتماعية السائدة يجب على وسائل الإعلام أن
تلعب دوراً كبيراً في فضح الداعرات ، عن طريق الأخبار ونشر الأسماء ، وحتى
البرامج التلفزيونية ، التي تشكل بمجملها عقوبة اجتماعية تكون أقوى من
العقوبة القانونية ، وتمنع في الوقت ذاته المسؤولين عن مكافحة هذه الظاهرة
من التلاعب والتستر ".
ويرى " عيسى " أن الرجل الذي يقصد بيوت الدعارة بسبب عدم تلبية زوجته
لاحتياجاته الجنسية " خارج عن النظام الاجتماعي لأنه لم يستطع أن يعالج
الخلل وعدم الإشباع الجنسي بشكل مباشر مع زوجته وبالأساليب الصحيحة ،
كالمصارحة ، والتفاهم ، وحتى الاحتكام والطب ، فاللجوء إلى الداعرة لإشباع
الغريزة ليس حلاً " بحسب الخبير النفسي .
وختم المرشد النفسي " في ظل الأوضاع العالمية السائدة ، من ثقافة انفتاحية
قد لا تتناسب مع جميع المجتمعات ، والمحافظة بشكل خاص ( مثل سوريا )
والفقر ، وغياب للثقافة الجنسية ، يجب علينا أن نكافح هذه الظاهرة ، وأن
تلعب الحكومة دوراً راعياً لمكافحتها ، وإلا فمجتمعنا مهدد بانهيار منظومته
بشكل كامل ".
الأب آشجي : الدعارة خطيئة كبرى ، وعلينا أن نتحرك لمكافحتها
ومن جهة أخرى قال الأب " عابد آشجي " لـ عكس السير : " إن الدعارة هي
خطيئة كبرى ، وخروج عن النظام البشري السائد ، فالرجل الذي يتزوج يعلن
لجميع الناس أنه يمارس الجنس مع زوجته ، وفي الوقت نفسه تعلن الزوجة أنها
تمارس الجنس مع زوجها ، ولكن بشكل مشروع فممارسة الجنس ليست المشكلة ،
المشكلة تكمن في انحراف سلوكيات الشخص وخروجه عن الطبيعة الإنسانية " .
وتابع " المرأة التي تمتهن الدعارة وتتاجر بعفتها تتحول إلى اللاإنسانة ،
وتتسبب بتكوين نظام اجتماعي غرائزي لا إنساني ، ولكن مع ذلك فطريق العودة
إلى الله مفتوح ، وتستطيع الداعرة العودة إلى الطبيعة الإنسانية التي شرعها
الله ، وكل ما تحتاجه هو تحرك جماعي ، ورعاية على جميع المستويات ".
وأضاف " من خلال متابعتي لوسائل الإعلام ولتفاصيل المجتمع لاحظت انتشار هذه
الظاهرة بشكل كبير ، ولكن مع ذلك فقد شهدت من خلال عملي ككاهن في الكنيسة
توبة عدد كبير من الفتيات ، فباب التوبة مفتوح ، علينا أن نكون عقلانيين في
التعامل مع هذه الحالات ، الداعرة وليدة ظروف معينة ، وأفكار وتأثير معين ،
وبإزالة المسببات وبدعم بسيط ورجوع إلى الله نتمكن من القضاء على هذه
الظاهرة ".
بيوت مرخصة للدعارة ... وجدل
انتشرت في عام 1900 ظاهرة وجود بيوت مخصصة لممارسة الجنس كان يطلق عليها
اسم " منزول " وذاع صيتها في نهاية الاحتلال العثماني وزمن الاحتلال
الفرنسي لسوريا ، قبل أن يتم إغلاقها عام 1970.
وتنتشر في العديد من دول العالم ظاهرة ترخيص دور مخصصة للممارسة الجنس تخضع
للرقابة الصحية والطبية والحكومية ، ويطالب كثير من المفكرين بترخيص دور
لممارسة الجنس الأمر الذي " يمنع ظاهرة الدعارة السرية وما يتلوها من تفشي
للأمراض وانتشار للشذوذ " بحسب رأيهم .
و يرى أحد المفكرين ان وجود بيوت الدعارة المرخصة " قد تكون حلاً في حال
عدم جدوى الحلول الأخرى ، ففي المجتمعات التي لا يمكن فيها ضبط السلوكيات
الجنسية ، يمكن أن تحصن هذه البيوت المجتمع بحيث تصبح مكاناً واضح المعالم
للخارجين عن المنظومة الاجتماعية ، وللداعرات ، الأمر الذي يضمن عدم تفشي
الأمراض الاجتماعية المتعلقة بالجنس في الحارات والبيوت المحافظة ".
ومن جهة أخرى رفض المرشد النفسي " أحمد عيسى " فكرة بيوت الدعارة المرخصة ،
واعتبرها " تصرف يزيد الطين بلة " وقال لـ عكس السير : " إن الدعارة
بوضعها الحالي تزداد تفشياً على الرغم من كونها سرية ، ومعيبة فما بالك
بوجود بيوت تسهل هذا الموضوع ، الحصول على الجنس بين المراهقين حالياً صعب ،
ومخجل للمراهق ، ولكن في حال ترخيص عمل هذه البيوت يصبح سهلاً ويساعد على
تفشي الظاهرة بدلاً من ضبطها ومكافحتها ".
بينما يرى آخرون إمكانية ترخيص بيوت للدعارة تعمل وذلك بإيجاد ضوابط معينة
تمنع المراهقين وصغار السن من دخول هذه البيوت .
ويبقى موضوع ترخيص بيوت للدعارة أمر مثير للجدل بين مؤيد ومعارض على الرغم
من عدم سن قانون أن أو حتى مشروع قانون يلمح لإمكانية حصول مثل هذا الأمر
حتى على المنظور البعيد و" البعيد جداً " .
داعرات أجنبيات .. وتقصير حكومي
وإلى جانب السوريات ممتهنات الدعارة تقف مجموعات كبيرة من الأجنبيات ( من
جنسيات أوروبية وآسيوية مختلفة ومعظمهن روسيات ) دخلن إلى سوريا بحجة العمل
( عمل آخر غير الدعارة كالرقص مثلاً ) ، حيث ينتشرن بكثيرة في النوادي
الليلية ذات الأربع والخمس نجوم .
وقال المرشد النفسي " أحمد عيسى " والذي أعد دراسة حول الدعارة في سوريا
أن الحكومة مقصرة من جهة مراقبة هذه الوافدات ، وقال " في معظم دول العالم
المتقدمة تفحص الوافدة فحصاً طبياً دقيقاً قبل دخولها البلاد ، وتوضع تحت
المراقبة ، وفي حال وجود أية شكوك حول امتهانها للدعارة تخضع لفحص طبي
متكرر كل ستة أشهر ، وفي حال ظهور أية أعراض مرضية ترحل ، و هو أمر غائب
وغير مطبق في سوريا ، الأمر الذي يفسح المجال بشكل كبير للوافدات للعمل في
الدعارة سواء بإرادتهن أو حتى بشكل إجباري ".
الدكتور محمود عكام : نعاني من دعارة متفشية من جميع الأشكال والمجتمع مهدد
بالانهيار إن لم نتحرك
ومن جهته قال المفكر الإسلامي الدكتور " محمود عكام " لـ عكس السير " إن
للدعارة أشكال عديدة ، فكرية ، ثقافية ، اجتماعية ، وجسدية وغيرها ، ونحن
نعاني من دعارة متفشية من جميع الأشكال ، فعقولنا تلوثت بالدعارة وأفكارنا
ملوثة ، وعادتنا ملوثة ، ولذلك يجب علينا التحرك على جميع المستويات ".
وحمل المفكر الإسلامي الحكومة مسؤولية مكافحة هذه الظاهرة عن طريق وضع مخطط
متكامل " يبدأ بالثقافة الجنسية للأطفال في المدارس ، ويمتد إلى الإعلام ،
وتشديد الرقابة ، ورفع مستوى المعيشة وتأمين السكن للشبان كي تمكنوا من
الزواج وصولاً إلى تطبيق قوانين صارمة بحق ممتهني الدعارة ".
وقال الدكتور " عكام " لـ عكس السير : " إن أمن المجتمع من أمن الحكومة ،
وتفشي أي مرض اجتماعي سيهدد امن المجتمع , لذلك يتوجب على القائمين على
الحكومة الاستنفار ومواجهة الانحطاط الاجتماعي الذي بات سائداً ، والذي
يزداد يوماً بعد يوم بشكل جنوني ، خصوصاً مع وجود وسائل الاتصال من
الفضائيات الإباحية والمواقع الجنسية وغيرها ، يجب علينا أن نستنفر حكومة
وشعباً ومنظمات ورجال دين ، ونتعاضد لمواجهة هذه الظاهرة ".
يذكر أن الشريعة الإسلامية شددت العقوبة بالنسبة للزنا إلى السجن والجلد
وحتى القتل في حال كان الزاني متزوجاً وقال الدكتور " عكام " : " العقوبة
التي جاء بها الإسلام هي عقوبة رادعة قبل أن تكون عقوبة لمخالفة شرعية ،
والهدف منها تحصين المجتمع ".
إعلامي : غض الطرف عن القضايا الحساسة في المجتمع لا ينفي وجودها
وتختلف شرائح المجتمع في قضية الإشارة الإعلامية إلى بعض القضايا الحساسة
في المجتمع , حيث يرى البعض أن التعاطي مع هذه القضايا يساهم في " إشاعتها "
بين الناس , الأمر الذي لم يتوافق مع رأي الصحافي عبد الله عبد الوهاب
رئيس تحرير موقع عكس السير .
قال " عبد الوهاب " : " إن غض الطرف عن القضايا الحساسة في المجتمع لا ينفي
وجودها , فسياسة النعامة لا تفيد في نفي وجود الظاهرة , والأمر يحتاج إلى
جرأة في مواجهة الظاهرة الشاذة في نسيج المجتمع , كخطوة أولى للوصول إلى
حالة مجتمعية سليمة " .
وأكد رئيس التحرير على أسلوب المعالجة الجدي في التعامل الإعلامي مع
القضايا الحساسة , مشيراً إلى وجود خيط رفيع بين ما أطلق عليه " الفضائحية "
و " الأكاديمية " في معالجة هذه القضايا .
ورفض " عبد الوهاب " بعض الاتهامات التي توجه إلى موقع عكس السير بكسره بعض
" التابوهات " في مجتمع يوصف بـ " المحافظ " , مؤكداً على أن ما يطلق عليه
" تابوهات " هو مجرد " أوهام " خلقناها بأنفسنا , خوفاً من مواجهة الحقيقة
, وأن عكس السير مستمر في مواجهة كافة الظواهر الشاذة في المجتمع , لأن
هذه المواجهة تشكل جزءا مهماً من مهمة الرسالة الإعلامية ( على حد تعبيره )
.
خبير قانوني : القانون السوري يعتبر الدعارة جنحة ويعاقب المرأة ويغفر
للرجل
ومن جهته قال المحامي علاء السيد لـ عكس السير " كانت بيوت الدعارة في
سوريا منتشرة وبشكل قانوني حتى عام 1958 ، حيث أصدر الرئيس الراحل جمال عبد
الناصر القانون رقم 10 للقطرين السوري والمصري المتحدين حينها ، قضى هذا
القانون بإلغاء البغاء وإغلاق كل دور الدعارة التي كانت مرخصة في السابق"
.
وتابع " ويعتبر القانون وهو نفسه الساري حتى اليوم الدعارة جنحة ، ومن
غرائبه أن الرجل لا يعاقب بأي عقوبة في حال ضبط مع فتاة دفع مالا لممارسة
الجنس معها ، بل تعاقب الفتاة فقط ، ولم يتم تعديله حتى الآن ، ويكفي ان
يصرح الرجل أمام القضاء انه قد دفع مبلغ نقدي لممارسة الجنس حتى يعفى من
أي عقوبة و يخلى سبيله فوراً ، وأعتقد بانعدام العدالة في هذه الفقرة من
القانون التي تجيز للرجل ممارسة الدعارة بدون أي عقوبة بينما تعاقب المرأة
بشدة " .
وأضاف المحامي " السيد " : " أما عقوبة من يسهل الدعارة (القواد ) فهي
الحبس حتى ثلاث سنوات ، ويحكم بإغلاق المكان الذي تمارس فيه الدعارة
ومصادرة الأمتعة والأثاث الموجود فيه ، وفي حال قام القواد بإكراه وإجبار
الفتاة على الدعارة تكون العقوبة الحبس حتى خمس سنوات وفي حال استخدم
القواد فتاة قاصراً عمرها دون السادسة عشر ،تشدد عقوبته وتصل حتى الحبس
لسبع سنوات " .
واستطرد " في حال كان من يسهلون دعارتها أبوها أو شقيقها او زوجها ، سواء
كانت قاصراً أو غير قاصر ، تشدد عقوبتهم كذلك ، وتصل حتى الحبس سبع سنوات .
أما مالك أو مؤجر بيت الدعارة ، الذي سلمه لقواد يديره وهو عالم بنشاط
البيت ، فيعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر وحتى ثلاثة سنوات " .
وأكمل " أما الفتاة التي تمارس الدعارة وتعتاد عليها ويتم ضبطها عدة مرات ،
فتعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر وحتى ثلاث سنوات ، وتنتهج أغلب المحاكم حاليا
تطبيق الحد الأدنى للعقوبة وهو ثلاثة أشهر ".
وختم بقوله " إن هذا القانون بحاجة إلى تعديل وإعادة دراسة كاملة وخاصة
تجاه إعفاء الرجل من أي عقوبة في حال ثبوت دفعه لأموال لقاء ممارسة الجنس
مما يوجب تشديد عقوبته بدلاً من إلغائها لأن الخطأ لا يقع على الفتاة
والقواد فقط بل يشاركهم الخطأ بفعله ذلك الرجل الذي يخالف الأخلاق والشرائع
السماوية و الأعراف الاجتماعية السائدة " .
يذكر أنه لا توجد إحصاءات رسمية أو حتى غير رسمية حول عدد بيوت الدعارة في
سورية كونها " سريـّة " ، إلا أنه وبحسب الخبراء فقد ازدادت بيوت الدعارة
بكثرة خلال السنوات القليلة الماضية ، وتسعى الحكومة إلى مكافحة هذه
الظاهرة عن طريق تفكيك بعض الشبكات وضبط الداعرات وتحويلهن إلى القضاء ،
إلا أنه وبحسب الداعرة " رولا " لا يؤثر على عمل الداعرات اللواتي يتمتعن
بمعرفة تامة لثغرات القانون بطريقة تخفف العقوبة وتجعلهن يكملن عملهن بعد
قضاء فترة العقوبة التي " تكون مخففة بسبب استفادتهن من بعض الثغرات
القانونية " على حد قولها .
الموضوع منقول من اجل العبرة والحذر من هذة الامور